OMAR EDELBY

كرة القدم في لبنان
نرجو اعلامنا عن كل نقص او تعديل
FOOTBALL AU LIBAN
 
 
 
 
عمر ادلبي
 

مباراة اعتزاله عام 1998 أمام تفاهم الأندية المحلية لم تحقق طموحه
عمر إدلبي: لم يجرحني الشرقي بأي كلمة أو لوم في الملعب

27 / 02 / 2011
محمد دالاتي
يجزم كثيرون من عشاق الساحرة المستديرة بأن نجم الأنصار السابق عمر إدلبي كان أفضل "مهندس" لخط الوسط مرّ في تاريخ الكرة اللبنانية، وهو فضلاً عن كونه لاعباً يمتاز بفنه وتمريراته المتقنة، كان إدلبي يمتاز ايضاً بالأخلاق الرياضية العالية، ولولا انه من التابعية الفلسطينية، لما زاحمه أحد على ان يكون في مقدم نجوم المنتخب الوطني، وهو الذي كانت جميع الفرق المحلية تطمح الى ضمه لتشكيلتها، لأنه يشكل إضافة كبيرة ومميزة ترّجح كفة فريقه في أي مباراة يخوضها.

ولعل كرة القدم التي أعطت إدلبي الشهرة ومحبة الناس، لم تحقق له كل أحلامه - برأيه، وكان إدلبي الذي دافع عن ألوان منتخب لبنان فترة وجيزة، يطمح الى نيل الجنسية اللبنانية عام 1993، بعدما نالها زميله في الأنصار جمال طه (مصري الجذور) ولاعب الهومنمن بابكين ماليكيان (أرمني الأصل)، وشاركا في تصفيات كأس العالم التي أجريت في لبنان على ملعب برج حمود.

ويعمل إدلبي في محل للصيرفة في ساحة ملعب بيروت البلدي، منذ سنوات، وأوضح ان معجبين ومحبين كثر يقصدونه للتعامل معه كزبائن، وقال: "تتطلب مهنتي ان أكون على علاقة جيدة ووثيقة مع الزبائن، والحمد لله ان كثيرين من محبي كرة القدم، من أندية مختلفة، يقصدونني ويثقون بي، ويمكن القول انني استفدت من ممارستي كرة القدم في مهنتي، ولكنني كنت أطمح لأن أجني ما هو أكثر، مع قناعتي التامة بأنني استفدت منها بجني محبة الناس وحصد الشهرة، ولعل مباراة اعتزالي عام 1998، أمام فريق من تفاهم الأندية، لم تكن بالمستوى الذي حلمت به، إذ كنت أتمنى ان تكون المباراة على مستوى عربي على الأقل.

 وأعتقد انني كنت وفياً ومخلصاً في الدفاع عن ألوان الأنصار الذي شاركت معه في جميع المواسم الـ11 المتوالية التي فاز فيها بلقب الدوري، وأدرج اسمه في كتاب غينيس للأرقام القياسية، فضلاً عن الفوز بكأس لبنان 8 مرات، إبّان تلك المرحلة الذهبية من مسيرة نادي الأنصار الكروية تحت إشراف المدرب القدير عدنان الشرقي".

وأكد إدلبي انه لم يندم على شيء، خلال مسيرته الكروية في "القلعة الخضراء"، لأن الأجواء داخل النادي تحيطها الروح العائلية، "كنت أشعر في الأنصار بانني فرد من عائلة كبيرة، وكانت إدارة النادي قريبة من اللاعبين، تشاركهم أفراحهم وأتراحهم، مما يشجع كل لاعب على مضاعفة الجهد في الملعب، وكان كل لاعب في التشكيلة يشعر بالمسؤولية الملقاة على عاتقه، وكنت ألقى معاملة جيدة من المدرب الشرقي في الملعب وخارجه، ولم أسمع منه أي كلمة جارحة أو تنبيه قاسٍ خلال تعاوني معه، والشرقي يقدّر اللاعب الذي يتقن تنفيذ الخطة، وهو إنسان ذو مشاعر رقيقة وحساسة، وكل من يعرفه على حقيقته لا بد وان يزداد قرباً منه".

واعترف إدلبي بانه كان يتمنى الحصول على الجنسية اللبنانية، قبل الاعتزال، ولا سيما انه دافع عن ألوان منتخب لبنان عام 1990 في الكويت، خلال دورة الصداقة والسلام التي شاركت فيها منتخبات العراق وإيران والكويت.

ونفى إدلبي ان يكون عزوف اتحاد الكرة عن الايعاز للمسؤولين لمنحه الجنسية اللبنانية هو السبب وراء اعتزاله، وعزا دافع الاعتزال الى اصابته في ظهره، وقال: "خضت، في آخر ايامي، عدداً من المباريات مع الأنصار احتياطياً، لانني كنت أشعر بالألم، ولا أستطيع ان أقدّم كل ما لديّ من عطاء.

 وأجرى لي الدكتور سمير برغوت جراحة في مستشفى المقاصد عام 1994، وقال لي انه بإمكاني العودة الى الملاعب بعد فترة النقاهة، لكن مستواي تراجع، ووجدت انني غير قادر على استعادة مستواي السابق خلال التمارين الأولية بعد الجراحة، وفضلت الاعتزال تاركاً صورة مشرّفة عني كي يتذكرني الجمهور وأنا في قمة مستواي".
وخاض الإدلبي مباراته الأخيرة مع الأنصار في الدوري أمام التضامن صور، على ملعب بيروت البلدي، ولعب متحاملاً على نفسه، وفاز الأنصار يومها بنتيجة كبيرة.
ومن أجمل المباريات التي خاضها الإدلبي، تلك التي أجريت في الإطار الودي أمام فريق الاتحاد الحلبي السوري في حلب، وقال الإدلبي: "كانت بعثة الأنصار برئاسة المرحوم جميل الداعوق (أبو رياض). ولدى وصولنا الى الحدود السورية، مُنعت من قبل الأمن العام السوري من الدخول بداعي انني فلسطيني، ولا أملك إذناً رسمياً للدخول، فاتصل أبو رياض بالعميد فاروق بوظو من عند نقطة الحدود، واقترح عليه بوظو إدخال أعضاء البعثة من دوني على أن أعود وحيداً الى بيروت، وان يختار أبو رياض أي لاعب في منتخب سوريا لضمه الى تشكيلة الأنصار، وكان رد أبو رياض: "إما ان ندخل جميعاً أو نرجع جميعاً.

 وبعد مشاورات استمرت نحو ساعة، تم خلالها الاتصال بعدد من المسؤولين السوريين، سمحوا لي بالدخول من دون اي أوراق.

 ولعبنا في اليوم الثاني في حلب، وتعادلنا مع فريق الاتحاد 1 ـ 1، وقدّم الأنصار عرضاً رائعاً، وكان الشرقي استعار مهاجم النجمة محمود حمود، وسجلت اصابة التعادل بكرة تقدمت بها من منتصف الملعب، وسددتها أرضية، من خارج المنطقة، الى الزاوية اليسرى، وبعد المباراة قال بوظو لأبو رياض في المنصة: "كنت مصيباً بالإصرار على إشراك هذا اللاعب (الإدلبي) في المباراة، فهو نجم مميز".

وغالباً ما كان الإدلبي يزداد تألقاً حين يلعب أمام النجمة وسط مدرجات تغص بالجمهور المتحمس، وكانت أفضلها تلك التي شارك فيها عام 1986 في كأس لبنان، وأسفرت عن فوز الأنصار 2 ـ 0، ووصل الأنصار في ذاك العام الى نهائي الكأس والتقى الصفاء وخسر أمامه 0 ـ 1 سجله محمد بري في الشوط الرابع الاضافي.
وكانت للإدلبي مشاركات خارجية كثيرة مع الأنصار في بطولة الاندية العربية والبطولات الآسيوية، وحقق للأنصار نتائج لافتة، وكان يرتاح للعب الى جانب يوسف الغول الذي يجيد اقتناص الاصابات الصعبة، وكان الغول الورقة الرابحة في هجوم الفريق الأخضر.

 أما المباراة الأولى التي خاضها الإدلبي في الدرجة الأولى فكانت في النطاق الودي أمام فريق الاستقلال على ملعب برج حمود، وأطلق عليها "مباراة الوفاق الوطني" وانتهت بفوز الأنصار بهدف مقابل لا شيء.
وامتاز الإدلبي بتسجيله الاصابات الصعبة والجميلة، إذ كان يتقدم سريعاً من الوسط، ويرسل التمريرات البينية الخطرة الى زملائه أو يسدد بقوة مفاجئاً حراس المرمى ومحققاً اصابات لا تنسى. وقال إدلبي انه سجل أجمل اصاباته في مرمى فريق صلاح الدين العراقي في بطولة الأندية العربية 1983. وقلما سجل إدلبي هدفاً برأسه، إلا انه لا ينسى هدفه بالرأس من خارج منطقة الجزاء، في مرمى التضامن صور حين لمح حارس المرمى متقدماً عن خط مرماه، فحولها قوية فوق الحارس لتهز الشباك الصورية، وكان الإدلبي اختصاصياً في تنفيذ ضربات الجزاء والضربات الحرة.

رافق إدلبي اجيالاً عدة من اللاعبين المميزين في الأنصار، أما بداية مسيرته الكروية فكانت مع فريق الرابطة في الطريق الجديدة، وكان يرأسه طلال فتح الله الذي كان مشجعاً قوياً للأنصار، فأقنع الإدلبي بالتوقيع للأنصار عام 1974، وكان إدلبي في الحادية عشرة، فانضم الى فريق الأشبال الذي كان نور الحاج مشرفاً عليه. ووصل إدلبي الى الفريق الأول عام 1980 بايعاز من الشرقي، وصعد معه من لاعبي الفريق الثاني كل من أمين الجمل وسهيل بليق ومحمد صدقة، ونجح ادلبي في التأقلم سريعاً مع لاعبي الفريق الأول. وكان يرتاح للعب مع دايفيد ناكيد ثم مع جمال طه في الوسط، وقبلهما مع أمين الجمل.

وكانت تمريرات الإدلبي الدقيقة والمتقنة سببا رئيسيا في إحراز مهاجم الأنصار المتألق فادي علوش لقب أفضل هداف في تاريخ الدوري اللبناني لكرة القدم.
وكان الإدلبي يمتاز بالموهبة الفذة، واعتبره بعضهم "اللاعب الكامل" لاجادته اللعب قلباً للدفاع، وممولاً للهجوم في الوسط، ورأس حربة يجيد اقتناص الأهداف، وكان يمتاز بالسرعة والمراوغة ودقة التمرير والذكاء في إرسال الكرة الى اللاعب المناسب، فضلاً عن الثقة بالنفس والرؤية الشاملة للملعب، وها هي الملاعب اللبنانية أمست تفتقد خامة تثري الملاعب بعطائها من طراز الإدلبي والتي يقلّ ان تتكرر قبل عقود.

وكشف الإدلبي ان ما كان يميزه أيضاً هو هدوء الأعصاب وعدم التسرّع في الملعب، ولا سيما انه كان قائداً لفريقه، وقال انه كان يحزن ويكتم غيظه في قلبه حين يخسر فريقه، لكنه لم يكن يثور، ويحاول ان ينسى تلك الخسارة حتى لا تؤثر في أدائه في المباراة التالية. وقال: "الخسارة درس يمكن الاستفادة منه، وهو ليس نهاية العالم، وليس هناك فريق على وجه الأرض لا يخسر".
تلقى أدلبي عرضاً واحداً للاحتراف في الخارج، وجاءه من نادي النصر الاماراتي، لكن نادي الأنصار لم يرغب في التخلي عنه، وقال له الشرقي يومها، أجلب لنا لاعباً بمستواك حتى نتخلى عنك".
لا يتابع أدلبي المباريات المحلية، حتى عبر التلفزيون إلا نادراً، ولا يعرف أحداً من اللاعبين البارزين اليوم، ويرى ان المستوى تدهور ويكاد يصل الى نقطة الصفر، ويشبه مباريات الدرجة الأولى بمباريات فرق الأحياء الشعبية لغياب العروض الكروية الجميلة، لافتاً الى ان الكرة اللبنانية كان لها مستواها عربياً وآسيوياً.

البطاقة
[الاسم: عمر أحمد إدلبي.
[من مواليد: عام 1963.
[القامة: 1,79م.
[الوزن: 69 كلغ.
[النادي: الأنصار.
[المركز: لاعب وسط موزع.
[لاعبه المفضل: يوسف الغول وجمال الخطيب محلياً، والفرنسي ميشال بلاتيني عالمياً.
[أفضل لاعب مر بتاريخ الكرة اللبنانية برأيه: ابراهيم الدهيني.
[مدربه المفضل: عدنان الشرقي.
[وضعه الاجتماعي: متأهل وأب لفتاتين وشاب.
[الهاتف: 466616/03.

 

عمر إدلبي "مايسترو" الأنصار والكرة اللبنانية

13 / 04 / 2008

محمد دالاتي

منذ أوائل الثمانينيات وحتى اليوم، لم تشهد ملاعب كرة القدم اللبنانية، لاعب وسط قائداً بمستوى الكابتن عمر إدلبي الذي برز في فريق الأنصار، وترك على سجلاته بصمات لا تنسى ولا تمحى.


وأمتاز الإدلبي بالهدوء، والتمرير الدقيق المتسم بالخطورة، والمناورة غير المعقّدة، وساعده كثيراً، توافر ثلاثة مهاجمين أمامه، يتقنون التفاهم معه، وهم: محمد مسلماني (جناح أيمن) وفادي علوش (رأس حربة) وعبد الفتاح شهاب (جناح أيسر)، فضلاً عن باقي زملائه في التشكيلة.


وعرف الادلبي اللعبة الشعبية منذ نعومة أظفاره في منطقة الطريق الجديدة، وكان يتردد على الملعب البلدي فيها، واستطاع ان يلفت الأنصاريين اليه رغم ضآلة جسمه، لموهبته في التمرير والتلاعب باللاعبين المنافسين من أنداده. وكان الادلبي يجيد التحرك في جميع المراكز، لكن المركز الأحب إلى قلبه كان "الوسط"، واينما يحل الادلبي تكون، ففي الدفاع يكون حائط السد الذي يصعب اختراقه، وفي الوسط يكون الممول لزملائه المهاجمين، وفي الهجوم يكون مصدر الخطر الذي يربك المدافعين لدرء الخطر عن مرماهم.


وكان الادلبي عماد فريق الأنصار وقائده إلى حين اعتزاله منتصف التسعينيات، وكان المحرّك والذي يبنى الهجمات، و"الجوكر" الذي يمكن لأي مدرب ان يُطلق يده في التحرك في الاتجاهات كافة. كان محط ثقة المدرب عدنان الشرقي، لأنه كان يفهم أفكار مدربه ويسعى لتطبيقها في المباريات بحذافيرها دون تردد.

ولعل هدوء الادلبي، وقدرته على ضبط أعصابه في أشد المباريات حساسية، ساعداه على ضبط ايقاع فريقه في معظم المباريات، وفي تحقيق الانتصارات والألقاب. كان الادلبي العقل المدبر للفريق الاخضر، ويعرف ما هو مطلوب منه، فيمرر الكرة حين يجد أحد زملائه في موقع جيد، ولا يتلكأ في التقدم والتسديد والتسجيل حين يجد ثغراً في دفاع الفريق المنافس ويمكنه النفاذ منها، فهو ذو حس فريد في تسجيل الأهداف الحاسمة والصعبة.


كان الادلبي يمتاز بثقته بنفسه، وقد جعله ذلك قادراً على النجاح في كثير من المباريات التي خاضها. كان لا يتخلف عن التمارين والمشاركة الجدية فيها، وكان يمتاز باللياقة البدنية الجيدة، وبالتفاهم التام مع زملائه، وبثقة الجهاز الفني بقدرته على تحريك زملائه وضبط ايقاع المباراة.


وغالباً ما كانت تغيب علامات التأثر لدى الادلبي عقب الخسارة، ولكنه يؤكد انه كان يثور في الداخل، من دون ان تبدو عليه آثار الحزن والخيبة.
"أنا من النوع الحساس، وأقل كلمة غير موزونة من الجمهور تقلقني وتفقدني بعض تركيزي في اللعب. كان يؤثر فيّ هدير الجمهور المشجع، فيكون له فعل السحر في أدائي وأداء زملائي معي. كانت أعراس الكرة في أيامنا كثيرة، بعكس هذه الأيام التي تراجعت فيها اللعبة لأسباب عدة، منها غياب الجمهور عن الملاعب، وافتقاد الفريق للاعبين الموهوبين الذين كانوا في زماننا عامل جذب للجمهور. لقد تراجعت اللعبة لتراجع إمكانات النوادي المادية، وصار معظم لاعبي اليوم يتعلقون بالمال الذي يحصلون عليه شهرياً، أكثر من تعلقهم وإخلاصهم لألوان نواديهم".


ولفت الادلبي إلى ان النوادي اللبنانية باتت عاجزة عن التعاقد مع لاعبين أجانب مميزين، "صار اللاعب الأجنبي السوبر عملة نادرة في ملاعبنا، واثر ذلك في المستوى الفني للاعبين المحليين، إذ تقع على عاتق اللاعب الأجنبي مهمات عدة منها إفادة اللاعبين المحليين لدى الاحتكاك بهم في التمارين، وتوجيه الناشئين إلى اخطائهم في التمارين والمباريات. ولا أرى اليوم أي لاعب وسط يموّل زملاءه المهاجمين بتمريرات سهلة. كذلك تراجع عدد المهاجمين المميزين. كنت أتمنى رؤية لاعبين أفضل مني، ولكن، حتى اليوم، لم أر لاعب وسط واحداً جيداً يخلفني".


واللافت في الادلبي انه لم يتلق لوماً من المدرب الشرقي في أي مباراة، لقدرته على تحمّل مسؤولياته، وبذله قصاراه في أي مباراة يخوضها من دون أي تهاون، وكثيراً ما كان الادلبي هدفاً للاعبين خصوم يتلقى الضربات المتعمدة منههم لكونه مفتاح الفوز للأنصار، وكان لا يرد على ذلك بالمثل، مفضلاً الاعتماد على عقله في اللعب، وتحاشي الخشونة التي تحد من طاقته في لعب دوره كقائد موجّه. كان ذلك أبلغ ردّ منه، وخير دليل على روحه الرياضية، وترفعه عن الرد على الاساءة بمثلها.


حرص الادلبي على المشاركة في التمارين بانتظام لكونه القائد والقدوة لزملائه، وكان يؤثر عدم التلهي مع أي كان في وقت المران، وينصت لتعليمات المدرب وكأنه في حصة دراسية. كان جميع زملائه يعرفون ان الادلبي لا يتخلف عن المران الا اذا كان يعاني مرضاً شديداً، وكان المؤنس لزملائه حتى لا يشعروا بالملل خلال التمارين القاسية.


وكثيراً ما ساعدته لياقته العالية على التألق في مبارياته كلها وخصوصاً الصعبة منها، وهو يبلغ قمة مستواه أمام النجمة والفرق الأجنبية.
ولم يكن للمادة أي وزن لدى الادلبي مقابل الاخلاص للأنصار، وهو لم يضع يوماً شروطاً مادية أمام النادي على رغم الحاجة الملحة اليه وإلى جهده، بل كانت الرياضة ـ في نظره ـ هي التي تستحق التضحيات. كان الادلبي متواضعاً وقريباً من قلوب اللاعبين الناشئين؛ فلا يمنعه كبرياؤه من مشاركتهم أحياناً في تمارينهم، والاغداق عليهم من خبرته وحنكته، وتزويدهم بالتوجيهات وبالنصائح وتصحيح اخطائهم.


دافع الادلبي عن ألوان منتخب فلسطين، كما دافع عن ألوان منتخب لبنان في بعض المباريات الودية، وكان بمقدوره الاحتراف في أي بلد خليجي لولا الجنسية الفلسطينية التي كانت تعوقه عن ذلك. وذات يوم تلقى الأنصار دعوة للعب أمام فريق الاتحاد الحلبي في حلب، وعند الحدود اللبنانية ـ السورية رفض مسؤول النقطة الحدودية السماح للادلبي بعبور الحدود، فاتصل رئيس بعثة الأنصار يومذاك جميل الداعوق "أبو رياض" برئيس الاتحاد السوري السابق العميد فاروق بوظو ووضعه في الأجواء، وألح الداعوق على ان يبقى الادلبي ضمن البعثة أو يعود فريق الأنصار ادراجه إلى بيروت، وقال بوظو للداعوق: "اختاروا أفضل لاعب كرة في سوريا واشركوه في فريق الأنصار في المباراة بدلاً من الادلبي، وأهلاً وسهلاً بكم في حلب".

 

 ورفض الداعوق أي تسوية حتى تمّ السماح للادلبي بالبقاء ضمن البعثة. وفي المباراة الودية المسائية نجح الأنصار في التقدم 1 ـ 0 بهدف سجله الادلبي عبر تسديدة أرضية قوية من خارج المنطقة.

 وعندها اعترف بوظو الذي تابع المباراة من المنصة الرئيسية بقيمة الادلبي، والدور القيادي الذي لعبه، والعرض الرائع الذي قدمه، مما جعله نجم المباراة بلا منازع، وأدرك السبب الذي دفع الداعوق للتمسك بموقفه ببقاء الادلبي مع الفريق.


مباريات الادلبي التي امتاز فيها كثيرة ويصعب حصدها، وهو الذي كان يبذل قصاراة من أجل الفريق. كان بعيداً في لعبه عن الأنانية وحب الظهور على حساب زملائه، بل كثيراً ما كان يبذل جهداً فردياً، ويقدم الكرة على طبق من ذهب لأحد زملائه للتسجيل.


ضمت تشكيلة الأنصار أيام الادلبي لاعبين موهوبين ومميزين، نجحوا في ادراج اسم ناديهم في كتاب غينيس للأرقام القياسية بفوزهم بلقب بطولة الدوري 11 مرة متوالية، ومنهم علي الفقيه ومحمد الشريف وناصر بختي وأمين الجمل ونور الجمل وحسين فرحات ويوسف الغول وابراهيم الدهيني وفادي علوش ومحمد العرجة وفؤاد ليلا وعصام قبيسي وأحمد فرحات وعبد الفتاح شهاب ومحمد مسلماني وعلي قبيسي ونزيه نحلة وجمال طه، وكان الادلبي يشكّل مع علوش ومسلماني وشهاب رباعي الرعب للفرق المنافسة.


أبصر عمر ادلبي النور في منطقة الطريق الجديدة عام 1963، وكانت قامته 179م ووزنه 69 كلغ، فانضم الى الأنصار منذ صغره بعدما كان يتردد على الملعب البلدي القديم، واكتشف الشرقي وموهبته فعمد إلى صقلها، ودأب على اشراكه في تمارين الفريق الأول حتى اشتد عوده، ولعب مباراته الأولى مع الفريق الأول أمام الاستقلال على ملعب بلدية برج حمود في "مباراة الوفاق الوطني" والتي أسفرت مطلع الثمانينيات عن فوز الأنصار 1 ـ 0، وشارك حينها في الشوط الأول. وفي العام 1988 حلّ رابعاً كأفضل لاعب محلي ونال جائزة نقدية قدرها 35 الف ليرة.


وخاض الادلبي احدى أفضل مبارياته أمام النجمة عام 1986 في كأس لبنان، وفاز الأنصار يومئذٍ 2 ـ 0.

 وسجل الادلبي احدى أجمل اصاباته في مرمى فريق صلاح الدين العراقي عام 1983 في بطولة النوادي العربية في الأردن، وأوصل الادلبي فريقه إلى نهائي كأس لبنان عام 1986 وخسر أمام الصفاء بهدف واحد سجله محمد بري في الشوط الاضافي الرابع على ملعب الصفاء في وطى المصيطبة.


وكان يوسف الغول هو المثل الأعلى للادلبي، وكان الشرقي صاحب الفضل عليه، أما لاعبه المفضل فكان جمال الخطيب.
وابتعد الادلبي عام 1994 عن الملاعب وأعلن اعتزاله لاصابته في ظهره، وكانت حسرته كبيرة يوم جنّس الاتحاد بعض اللاعبين للدفاع عن ألوان المنتخب، في تصفيات كأس العالم 1993، ولم يكن هو بينهم وكان يستحق ان يكون في الصدارة، ولا سيما انه سبق أن دافع عن ألوان منتخب لبنان في أكثر من مناسبة.

كان أبرز لاعبي خط الوسط في لبنان وقد امتاز بذكاء التمرير وبراعة التسديد والتسجيل
عمر أدلبي أفضل لاعب حمل شارة "القائد" وكان مفتاح
المدرب الشرقي لحصد الانتصارات ودخول مجموعة غينيس للأرقام

29 / 10 / 2007
لم يواجه عمر أدلبي مشقّة وهو يتسلّق سلم الشهرة في فريق
الانصار، وهو الذي كان أحد أعمدته الذين كان المدير الفني عدنان الشرقي يعتمد عليهم حين أُدرج اسم الانصار في كتاب غينيس للارقام القياسية، بفوزه بلقب الدوري 11 مرة متتالية، ولم يذق الانصار طعم أي خسارة في أربعة منها، وكان الانصار يتوّج بطلاً قبل المباراة الاخيرة بأسابيع·

والواقع أن الموهبة الفذة لدى الادلبي، الذي كان يشغل مركزاً في خط الوسط، لم تتوافر في أي لاعب في لبنان، بعد اعتزاله في التسعينيات· وامتاز الادلبي بالذكاء في التمرير والبراعة في التسديد والتسجيل، فضلاً عن المهارات الفردية في السيطرة على الكرة والمراوغة، وكان متفاهماً مع جميع زملائه وهو قائدهم·

ونادراً ما كان الشرقي يوجه اليه لوماً في أي مباراة، لأنه كان قادراً على تحمّل مسؤولياته· ورغم تحركه الدائم في الوسط والهجوم، فهو ما كان يتردد في التراجع لمؤازرة زملائه المدافعين حين تكون الكرة في ملعبه·

 وكثيراً ما تلقى الادلبي الضربات القاسية من اللاعبين الخصوم، وكان يتحمّلها بجرأة وصبر، فلا يرد على الضربة بمثلها، بل بهدف يهز شباك الفريق الخصم، وهذا أبلغ تعبير من لاعب خلوق يعتمد على موهبته اكثر مما يعتمد على قوته الجسدية·

 وقلما كانت تضيع فرصة على الادلبي وهو قريب من المرمى داخل منطقة الجزاء، إذ كان يسيطر على نفسه ويبقى هادئاً، ويتصرف بحكمة رغم تحلّق المدافعين حوله للحد من خطورته، وكانت نظرته الواسعة الى الملعب تخوّله تمرير الكرة الى المكان الافضل، وكانت لياقته البدنية العالية تسهل عليه التنقل في أرجاء الملعب كافة، فيصعب على أي لاعب منافس مراقبته مراقبة لصيقة فيتوه في الملعب·

وما كان الادلبي يتخلف عن أي تمرين مهما كان السبب، وكانت لياقته العالية الحصن الذي يقيه شر الاصابات حتى اليوم الأخير له في الملاعب منتصف التسعينيات، وكان سبب اعتزاله - حسب قوله - الأوجاع في الظهر· وكانت ثقته بنفسه عالية مما جعله أفضل لاعب حمل شارة القائد، وكان المدير الفني الشرقي يوليه مهمة تنفيذ خطط اللعب، فكان مفتاحه الخاص لحصد الانتصارات· وأفضل مستوى يظهر به الادلبي حين يلعب أمام النجمة، فهو لا يفقد اتزانه ولا يثور حتى في أصعب المواقف، مما يزيد احترام المنافسين له· وكان يسيطر عليه الحزن لدى الخسارة من دون أن تظهر علاماتها على وجهه·

وكثيراً ما كان الادلبي يتألق في المباريات الصعبة، حتى تلك التي يخوضها أمام فرق عربية وأجنبية، وهو كان يضحي لمصلحة الفريق، ويقدم ناديه على مصالحه ومصلحة اللاعبين الخاصة، ولم تكن للمادة أهمية في حياته الكروية·

وكان بإمكان الادلبي الاحتراف في نوادٍ خليجية كبيرة، لولا انه كان يحمل الجنسية الفلسطينية، وهو لعب بعض المباريات مع منتخب فلسطين، وخاض مباريات ودية مع المنتخب اللبناني، أيام كان الانصار يرفد المنتخب بأكبر عدد من اللاعبين·

وكانت تشكيلة الانصار في أيامه تضم أفضل العناصر التي مرّت في تاريخ الكرة اللبنانية، ومنهم ناصر بختي وأمين الجميل ونور الجمل وحسين فرحات ويوسف الغول وابراهيم الدهيني وفادي علوش ومحمد العرجة وفؤاد سعد وعصام قبيسي وأحمد فرحات وعبد الفتاح شهاب ومحمد مسلماني وعلي قبيسي ونزيه نحلة وجمال طه وغيرهم الكثير من اللاعبين المحليين والاجانب الذين كانت فرصتهم كبيرة باللعب قرب الادلبي·

وكان الادلبي ينظر الى جميع الفرق المنافسة نظرة واحدة، ويواجهها بجدية وحزم، وكان يدرك أهمية عدم التهاون في أي مباراة، حتى لا يدفع الثمن غالياً· والمهم لديه أن يظهر الفريق بمستوى لائق، ويقدم عرضاً جيداً، بعيداً عن منطوق الفوز والخسارة·

أبصر عمر الادلبي النور عام 1963 في منطقة الطريق الجديدة في بيروت، (طوله 179 سنتم، ووزنه 69 كلغ)، لعب في جميع فرق الفئات العمرية، واكتشف الشرقي موهبته وهو لا يزال فتى، فصقل تلك الموهبة، ودأب على اشراكه في تمارين الفريق الأول، وسط لاعبين أكبر منه سناً ليمتن عوده ويكسبه الصلابة والجرأة والشجاعة، وحل رابعاً كأفضل لاعب كرة قدم محلي عام 1988 واستحق جائزة نقدية بقيمة 35 ألف ليرة·

وخاض أول مباراة رسمية له مع الانصار أمام فريق الاستقلال، على ملعب بلدية برج حمود، في مباراة الوفاق الوطني، يوم كانت العاصمة بيروت منشقّة الى شرقية وغربية، وأسهم اللقاء في توحيد الصف الوطني، كخطوة أولى نحو لملمة شتات الوطن، وأسفرت المباراة عن فوز الانصار بهدف مقابل لا شيء·

ولعب الادلبي إحدى أفضل مبارياته أمام النجمة عام 1986 في كأس لبنان، وفاز الانصار 2 - 0، وسجل أجمل اصاباته في مرمى صلاح الدين العراقي عام 1983 في بطولة النوادي العربية في الاردن، كما شارك في بطولة النوادي العربية في السعودية عام 1984، وفي البطولة الرسمية الأولى في كأس لبنان 1986، وأوصل فريقه للمباراة النهائية أمام الصفاء وخسرها الانصار بهدف سجله محمد بري في الشوط الاضافي الرابع·

ولا ينسى الادلبي مباراته الودية مع الانصار أمام الوحدة السوري في مدينة حلب، وأسفرت عن التعادل 1 - 1، وسجل ادلبي إصابة الانصار·

وكان المسؤولون السوريون عند نقطة الحدود رفضوا إعطاء الادلبي اذن الدخول لكونه فلسطينياً، ورفض رئيس بعثة الانصار يومها أبو رياض الداعوق الدخول بدون قائد فريقه، وبعد اتصالات مع العميد فاروق بوظو ومع اداريي نادي الاتحاد، عرض بوظو على أبو رياض اختيار أفضل لاعب في سوريا وضمه للعب مع الانصار في تلك المباراة بدلاً من الادلبي، وكان قرار الداعوق النهائي العودة الى بيروت ما لم يتم السماح للادلبي بالدخول الى سوريا·

وأمكن التوصل الى "مخرج" بعد تدخل عدد من المسؤولين السوريين، وحضر المباراة المسائية في حلب جمهور كبير غصت به مدرجات الملعب، وبعد انتهاء المباراة التي تألق فيها الادلبي عرف المسؤولون السوريون سبب تمسك الداعوق بهذا اللاعب بالذات· كان يوسف الغول المثل الأعلى للادلبي، أما صاحب الفضل عليه فهو عدنان الشرقي، ولاعبه المفضل هو جمال الخطيب·

وكانت الحسرة كبيرة في نفس الادلبي يوم جنّس الاتحاد بعض اللاعبين للدفاع عن ألوان المنتخب في تصفيات كأس العالم 1983، ولم يكن الادلبي بينهم، مع انه سبق ودافع عن المنتخب· وابتعد فجأة عن الملاعب بسبب آلام في الظهر، وكان يومها في قمة مستواه، فترك صورة يصعب نسيانها، وآثاراً لا يمكن محوها على مر الايام·

abdogedeon@gmail.com

ABDO GEDEON :  توثيق

جميع الحقوق محفوظة © - عبده جدعون  الدكوانة  2003-2021